12.01.2008

تطور الفكر السياسي الشيعي من النص إلي ولاية الفقيه


لم تكن فكرة الإمامة من البداية –عند الإمامية الاثنى عشرية- محددة المعالم ، كانت مفتوحة على التاريخ -مواكبة للظروف- فقها واعتقادا .
ففى البداية كانت عقيدتهم فى الإمامة نصا ووصية(
[i]) (خالف فى ذلك أهل السنة فى قولهم بالشورى)، والقول بعدم جواز خلو الأرض من قائم لله بالحجة([ii]) ، وهو إمام معصوم([iii]) كما أنه مشرع ومبلغ عن الله تعالى ، يتصف بالعلم اللدنى الإلهى ويوحى إليه من الله بالإلهام . فقد كان تصورهم عنهم يفوق ذلك الذى أثبته أهل السنة والجماعة للنبى r ، حتى ذهب بعض المناوئين للشيعة إلى الاعتبار بأن الامامة هى النبوة .
وقد أورد النوبختى قول إحدى فرقة من فرق الشيعة التي تري أن الإمامة من أجل الأمور بعد النبوة ، وفرض من أجل فرائض الله ، ولا يقوم بالفرائض ، ولا يقبل إلا بإمام عادل .
(...فمقام النبى صلى الله عليه وآله لايصلح من بعده إلا لمن هو كنفسه ، والإمامة من أجل الأمور بعد النبوة ، إذ هى فرض من أجل فرائض الله ، ولا يقوم بالفرائض، ولا يقبل إلا بإمام عادل)(
[iv]).
والبحرانى(
[v]) يعتبر الاقرار بالولاية من تمام الإسلام وشرط لاعتبار الاقرار بالنبوة نافعا ، وذلك لأن منزلة الاقرار بالولاية كمنزلة الاعتقاد بالتوحيد ، فالجحد عن الولاية كالجحد عن التوحيد :
(إن تمام الإسلام باعتقاد ولاية على عليه السلام ، ولا ينفع الاقرار بالنبوة مع جحد إمامة على كما لا ينفع الاقرار بالتوحيد من جحد بالنبوة)(
[vi]).
كما افترى على لسان الإمام على أن الاقرار بالنبوة لاينفع من غير الاقرار بولايته : (من لم يقر بولايتى لم ينفعه الاقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم)(
[vii]).
أما شيخهم نعمة الله الجزائرى(
[viii]) ، فيرى أن الإمامة درجة فوق درجة النبوة ؛ حيث يقول : (الإمامة العامة التى هى فوق درجة النبوة والرسالة)([ix]).
إلا أن الفكرة تلك تزلزلت مع حدوث الغيـبة الصغرى ؛ فالفترة التى أعقبت موت الحسن العسكرى فى سامراء عام 260 هـ اتسمت بحيرة الشيعة وضياعهم ، فافترقت الشيعة –كما يقول النوبختى- إلى 14 فرقة(
[x]) ، فرقة واحدة فقط قالت بوجود خلف للإمام الحسن العسكرى وأن اسمه محمد وقد أخفاه والده خوفا من السلطة فستر أمره([xi]) .
اعتمد القائلون بهذه المقولة :
1. على أدلة عقلية بالدرجة الأولى ، ولكنها موجهة إلى الشيعة فقط ، لأن القضية قضية إنقاذ التشيع من الانهيار وليس نشره ؛
2. وعلى عدد من الأحاديث السنية التى تحدد عدد الخلفاء والأئمة بأنهم إثنا عشر ؛
3. وعلى المهدى وصفته أو عن ولادته وغيبته لدى فرق أخرى كالواقفية الذين قالوا بمهدية الكاظم ومن شابههم .
فقد ساعد هذا كله على استقرار فكرة المهدية عند الشيعة الاثنى عشرية ، وهى القول بعودة محمد بن الحسن العسكرى بعد فترة معينة ، مع أن الفكرة -فى الحقيقة- تتناقض مع فسلفة الإمامة التى تقول بعدم جواز خلو الأرض من قائم لله بالحجة ، ووجوب كونه معصوما ، والتعيين له فى كل مكان وزمان ، إلا أن هذه النظرية جعلوها حلا للخروج من هذا المأزق ؛ فالقول بالغيبة –فى رأيهم- يتضمن فيه التأييد لنظريتهم عن عدم خلو الأرض من قائم لله بالحجة .
استمرت الغيبة الصغرى من عام 260هـ إلى عام 329هـ وفى هذه الفترة العصيبة توصل منظروا الشيعة الإمامية إلى نظرية الوكلاء أو النواب عن الامام ، بمعنى أن هناك أشخاص معينين لهم صلة مباشرة بالإمام الغائب ، لا توثق الإمامية إلا أربعة وكلاء(
[xii]) مع الأخذ والرد ، فلإثبات النيابة اشترطوا أن يأتى مدعى النيابة بدليل أو معجزة أو كرامة تدل على اتصاله بالإمام فينقل منه الرسائل والتواقيع إلى المؤمنين به ويأخذون إليه الأموال([xiii]) .
وهكذا حتى توفى آخر النواب الأربعة على بن محمد السمرى عام 329هـ. ، وقد نقل عنه آخر توقيع عن المهدى فيه :
(بسم الله الرحمن الرحيم : يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصى إلى فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور ألا بعد إذن الله –تعالى ذكره- وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا وسيأتى لشيعتى من يدعى المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفيانى والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)(
[xiv]) .
فبهذا بدأت الغيبة الكبرى ودخلت الشيعة الاثنى عشربة رسميا فى غيبوبة الانتظار والتقية وذلك لقطع الطريق أمام مدعى النيابة فى جانب ، وفى جانب آخر الانسجام مع الأسس التى قامت عليها الامامة وهى عدم خلو الأرض من قائم لله بالحجة المعصوم .
من هنا كان منظروا ومتكلموا الإمامية الأوائل أجمعوا على وجوب الانتظار ومن أجله رفضوا الإجتهاد وردوا القياس ، واكتفوا بالاخبار والنقل ، وعلقوا وظائف الدولة الدينية الرئيسة مثل : جباية المال (خمس وزكاة) ، وإمضاء الجهاد ، والحدود ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وإقامة صلاة الجمعة ، وغيرها على وجوب وجود المعصوم أى المهدى المنتظر . فيسقط هؤلاء فقهاء الإمامية (مثل النعمانى و أيد ذلك ابن بابويه القمى -المعروف بالصدوق- والطوسى -المعروف بشيخ الطائفة) بالطبع بحثا عن أسس الدولة و إدارة الناس بوصفها حاجة ماسة وواقعية ، بل حذر وأغلق الأبواب الموصلة إلى السعى فى إقامة السلطة فى زمن الغيبة . هؤلاء الفقهاء هم المعروفون فى عرف الشيعة الإمامية بالخط الاخبارى .
إلا أن استطالة ظهور الإمام ، وتقدم الزمان ، و إلحاح الحاجة ، وكثرة النوازل قد دفع ببعض فقهاء الإمامية للسير قدما نحو فتح باب الإجتهاد وخرق أبواب فقهية كانت محكمة الإغلاق ، حتى تلك التى متوقفة على وجود الإمام المهدى كالجهاد والجمعة وإقامة الحدود وغيرها ، هؤلاء الفقهاء هم المعروفون فى أدبيات الشيعة الإمامية بالخط الأصولى . فبذلك تميزت الشيعة إلى هذه الفترة بخطين ومدرستين متميزتين هما الخط الإخبارى الذى رفض الإجتهاد والقياس والشروع فى إقامة الدولة وتعليق وظائفها على ظهور المهدى ، والخط الأصولى الذى تميز بالجرءة فى القول بفتح باب الإجتهاد .
ثم تطورت الحال أكثر من ذلك ، فإن الدواعى السابقة التى دفعت إلى القول بوجوب فتح الباب أمام الاجتهاد ، دفعت أيضا إلى ظهور القول بجواز النيـابة العامة للفقهاء فى عصر الغيبة الكبرى ، وألهم ذلك بالقول بجواز النيابة الخاصة فى عصر الغيبة الصغرى –كما تقدم الحديث من قبل- ، وإن كان هناك فرق جوهرى بينهما ؛ إذ النيابة فى الغيبة الصغرى تمت بإذن ونص من الإمام الغائب ، أما فى الغيبة الكبرى كانت عن طريق تفسير وتأويل نص الإمام . إلا أن المفكرين قد تنبؤوا باحتمال ظهرور الفكرة عن ولاية الفقيه كحتمية التطور التاريخي ، إذ أن ولاية غير الفقهاء –عند الشيعة- لن تخلوا من تعد على النظام الإمامى لتوقف شرعية كثير من الأمور على المعصوم و إذنه ، فلا يمكن النيابة عنهم إلا الفقهاء .
فقد اعتمد فقهاء الإمامية في ذلك علي بعض الأحاديث النبوية أبرزها التوقيع الصادر عن الإمام المهدي : (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا ، فإنهم حجتي علكم وأنا حجة الله)(
[xv]) ، ففيه دلالة علي المرجعية الدينية ببعديها الاجتماعي والفقهي . وحديث الإمام جعفر بن محمد الصادق المعروف بمقبولة عمر بن حنظلة : (من كان منكم ممن قد روي حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا عرف أحكامنا فليرضوا به حكما ، فإني قد جعلته عليكم حاكما)([xvi]) ، وفيه دلالة علي مرجعية شبه كاملة ، تفيد كما يذهب القائلون بولاية الفقيه العامة : القضاء وقيادة المجتمع والحكم . كذلك حديث الإمام الحسن بن علي العسكري : (وأما من كان من الفقهاء صائنا لهواه مطيعا لأمر مولاه فعلي العوام أن يقلدوه)([xvii]) . وهو دال علي مرجعية الافتاء .
فاعتمادا علي هذه الأحاديث وأمثالها بدأ فقهاء الإمامية من أنصار خط الأصولي يطرح فكرة (النيابة عن الأمام المهدي) لكن في مجالات جزئية لا مطلقة ؛ وذلك بدءا من محمد بن محمد بن النعمان الملقب المفيد (424هـ)(
[xviii]) (حيث طرح فكرة تفويض الأئمة للفقهاء في مجال الحدود ، ثم تلاه أبو الصلاح الحلبي (373-447هـ)([xix]) ؛ حيث طرح لأول مرة مصطلح وفكرة (النيابة عن الإمام المهدي) وذلك في مجال القضاء والحدود . ثم تلاه الحسن بن يوسف الحلي المعروف بالعلامة الحلي (648-726هـ)([xx]) ؛ حيث يعتبر أول من طرح فكرة النيابة العامة في مجال الزكاة ، وتلاه جعفر بن الحسن الحلي المعروف المحقق الحلي (602-676هـ)([xxi]) ؛ حيث يعتبر أول من طرح فكرة النيابة العامة في مجال صرف الخمس . أما شمس الدين محمد بن مكي العاملي الجزيني (732-786هـ) ([xxii]) . المعروف بالشهيد الأول ؛ فيعتبر أول من طرح فكرة النيابة العامة للفقهاء في مجال صلاة الجمعة([xxiii]) كما يعد أول من استخدم مصطلح (ولاية الفقيه) في أدبيات الشيعة الإمامية الاثني عشرية في كتابه الشهير (اللمعة الدمشقية) .
لكن تطورت النظرية بعد ذلك بشكل ملحوظ علي يد أحمد بن محمد مهدي النراقي (1264هـ)(
[xxiv])، حيث طرح لأول مرة فكرة (ولاية الفقيه المطلقة ) في الفكر الشيعي وأحدث في ذلك ثورة فكرية .
كما أن تلك الأحاديث وغيرها –حسب علي مؤمن- كانت كافية لفقهاء الشيعة للحفاظ علي وحدة النسيج الاجتماعي والسياسي لأتباع أهل البيت ووحدة كيان مدرسة الإمامية ووحدة قيادتها ، وما يترتب علي ذلك من ترابط وثيق بين القاعدة والقيادة ، والتي تجسدت –فيما بعد- في مفهوم (المرجعية الدينية)(
[xxv]) ، وذلك علي يد المحقق الحلي وعلماء مدرسة الحلة([xxvi]) .
وقد كان هذا الكيان نوعا من الحكومة أو الدولة ناقصة السيادة ، وبه كان يتلخص الفقه السياسي للشيعة الإمامية . ولم تكن الأحكام الخاصة بهذا الكيان مصنفة في باب فقهي مستقل ؛ لعدم شعور الفقهاء بالحاجة إليه ، أو الحيلولة دون تأليب الحكام عليكهم . واستمر هذا الحال قرونا طويلة ، كان فيها الفقهاء يتمتعون بوضع متميز في النظام الاجتماعي الشيعي ، يشكل مزيجا من القيادة الدينية والادارة الاجتماعية ، لكنهم لم يتصدوا لموقع السياسية ورئاسة الدولة ، حتي في ظل الدول التي كان حكامها ينتمون إلي مدرسة الإمامية(
[xxvii]) .
وهكذا تطورت هذه الفكرة منذ ظهورها علي شكل نظرية تنظيرية علي يد فقهاء الإمامية المجتهدين من أنصار خط الأصوليين ، حتى تعينت ظهورها علي حيز التطبيق وبشكل واقعي على يد الخمينى مع قيام جمهورية إيران الإسلامية عام 1979م. ، بعد نجاح ثورة عارمة أطاحت بموجبها محمد رضا بهلفي آخر مالك المملكة الوراثية القاجارية .
يبدو أن ظهور نظرية ولاية الفقيه علي حيز التطبيق قد فتح بابا اجتهاديا علي مصراعيه بين فقهاء الشيعة حول النظريات السياسية ، حيث ظهرت اجتهادات جديدة في هذا المجال إثر نجاح الثورة ، بلغ –كما أحصي الشيخ كديغر- علي أقل تقدير إلي أربع نظريات ، وهي :
نظرية (خلافة الأمة وإشراف المرجعية) والتي طرحت من قبل آية الله السيد محمد باقر الصدر، ونظرية (الولاية الانتخابية المقيدة للفقيه) والتي طرحها آية الله حسين المنتظري ، ونظرية (وكالة المالكين الشخصين للمشاع) والتي طرحت من قبل آية الله مهدي حائري ، ونظرية (الدولة الانتخابية الإسلامية) والتي طرحت من قبل محمد جواد مغنية والشيخ مهدي شمس الدين، وقد سمي الأخير نظريته المتميزة باسم (ولاية الأمة علي نفسها)(
[xxviii]) .
وهل هذه النظريات هي نهاية الاجتهادات في الفكر السياسي لدي الشيعة الإمامية المعاصرة ؟ يبدو أن الارهاصات للحركة الاجتهادية لدي الشيعة الإمامية عبر التاريخ سوف تنفي ذلك تماما في المستقبل القريب أو البعيد . والله أعلم .


([i]) (وقد استدلوا علي ذلك بأن ثبوت الحاكم المعصوم لا يتحقق معرفته إلا عن طريق الإخبار من الله تعالى، العالم بالسرائر والضمائر، وليس هناك طريق آخر غيره، إذ غير هذا الطريق أيضا مما يعارض قاعدة لطف الله على العباد. فترك هذا الأمر (أمر الخلافة أو الإمامة) بعد النبى r لمشورة الأمة، من غير الوصية والتعيين ولا الإشارة لهذا المنصب الخطير تعرض هذه الأمة إلى الهلاك. من هنا يجب النص من الله تعالى على لسان نبى مؤيد بالمعجزات، أو إظهار المعجزة الدالة على إمامته . (محمد باقر الشريعتى الأصفهانى، عقيدة الشيعة فى الإمامة، ص: 4-5)
ومن هنا كان سر اعتبارهم النص والوصية من ضرورة المذهب، و لا يقوم هذا المذهب إلا به . فقد أوردوا أخبارا كثيرة فى هذا المعنى، بل عقد بابا خاصا فى الكافى والبحار يسمى : (باب فى اتصال الوصية وذكر الأوصياء من لدن آدم عليه السلام إلى آخر الأمر). فى هذا المقام أخبار كثيرة أيضا ، منها :
(أن آدم عليه السلام سأل الله عز وجل أن يجعل له وصيا صالحا ، فأوحى الله إليه : إنى أكرمت الأنبياء بالنبوة ، ثم اخترت خلقى وجعلت خيارهم الأوصياء . ثم أوصى الله إليه : ياآدم أوص إلى شيت ، ... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ودفعها إلى البردة ، وأنا أدفعها إليك ياعلىّ ، وأنت تدفعها إلى وصيك ، ويدفعها وصيك إلى أوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد ، حتى يدفعها إلى خير أهل الأرض بعدك . ولتكفرن بك الأمة ، ولتختلفن عليك اختلافا شديدا . الثابت عليك كالمقيم معى ، والشاذ عنك فى النار ، والنار مثوى للكافرين ... إلى آخر الكلام. (المرجع السابق، ص: 49-50).
([ii]) (ترى الشيعة أنه لامفر من الحجة (الولاية)، وأن الأرض لايمكن أن يخلو من الأئمة إما ظاهرا وإما خفيا، وذلك لأن عدم وجود الجحة فى الأرض ينافى لطف الله على العباد، ويسبب إلى هلاكهم. فقد أورد علماءهم هذا المعنى بعبارات مختلفة اللفظ، لكنها متخذة المعنى. منها -كما أورده الأصفهانى-:
(الإضطرار إلى الحجة، وأن الأرض لايخلو من حجة، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها، حيث لم يهمل الله العباد، ولم يخلقهم عبثا، ولا بد أن يبين حجته على الخلق، لقاعدة اللفط، وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة. ولا جبر ليكون جورا فى سلطانه، ولاتفويض ليكون وهنا فى سلطانه، بل أمرهم ونهاهم بمقدار الطاقة، ولم يكلفهم فوق الطاقة، وهو أحد معانى "الأمر بين الأمرين". (محمد باقر الشريعتى الأصفهانى، عقيدة الشيعة فى الإمامة: ص 2-3)
وقال: (أنه قد ثبت بالدلالة القاطعة وجوب الإمامة فى كل زمان، لكونها لطفا فى فعل الواجبات، والامتناع من المقبوحات، فإنا نعلم ضرورة عند وجود الرئيس المهيب يكثر الصلاح من الناس ويقل الفساد، وعند عدمه يكثر الفساد ويقل الصلاح منهم، بل يجب ذلك عند ضعف أمره مع وجود غيبته) (المرحع السابق: ص 28)
ثم أيدوا أقوالهم واستدلوا بالآيات، كما استدلوا بالأخبار. من الآيات قوله تعالى: ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ (سورة الرعد: 7) ثم أورد تفسير الطبرسى لهذه الآية : (فيه أقوال .. الرابع : أن المراد بالهادى كل داع إلى الحق، وعلى هذا يكون هاد مبتدأ ولكل قوم خبره.
وقال المجلسى: على هذا الوجه الأخير تدل أخبار هذا الباب، وهى أظهر من الآية الكريمة بوجوه لا يخفى على أولى الألباب.
أما من الأخبار، فمنها : عن ابن أذينة –ويسمى بريد العجلى- قال : قلت لأبى جعفر-أو لأبى عبد الله كما فى النسخة-: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ؟ فقال المنذر رسول الله، وعلى الهادى، ولكل زمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن الأعمش عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن على بن الحسين عليه السلام قال: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالى المؤمنين. ونحن أمان لأهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا ينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولولا ما فى الأرض منا لساخت (أى خسفت بهم) (عقيدة الشيعة فى الإمامة: ص 2-3.)
([iii]) هذا الاضطرار لابد أن يُعَوَّلَ إلى معصوم مقطوع العصمة، وذلك -كما قال الأصفهانى -نقلا عن إعلام الورى-:
(لأن جهة الحاجة إلى هذا الرئيس هى ارتفاع العصمة عن الناس، وجواز فعل القبيح منهم، فإن كان هو غير معصوم وجب أن يكون محتاجا إلى رئيس آخر غيره، لأن علة الحاجة إليه قائمة فيه، والكلام فى رئيسه كالكلام فيه، فيؤدى إلى وجوب مالا نهاية له من الأئمة، أو الانتهاء إلى معصوم، وهو المطلوب الاجتماعي. ()
([iv]) النوبختى حسن بن موسى وسعد بن عبد الله القمى، كتاب فرق الشيعة، تحقيق د. عبد المنعم الخفنى، (القاهرة، دار الرشاد، الطبعة الأولى سنة 1992: ص 33
([v]) هو هاشم بن سليمان بن اسماعيل الحسينى البحرانى الكتكانى التوبلى: مفسر إمامى. نسبته إلى "توبلى" و "كتكان" من قرى البحرين، وقبره فى الأولى. وشهرته البحرانى، كما كتب هو عن نفسه فى نهاية "ايضاح المسترشدين-خ-" فى تراجم الراجعين إلى ولاية أمير المؤمنين. وله أيضا "البرهان فى تفسسير القرآن-ط" فى مجلدين، و "الدر النضيد فى فضائل الحسين الشهيد، وسلاسل الحديد" منتخب من شرح نهج البلاغة لابن الحديد، والانصاف فى النص على الأئمة الأشراف من آل عبد مناف-خ" و "تنبيه الأريب –خ" فى رجال التهذيب" و "ارشاد المسترشدين-خ" قال صاحب الروضات: وكتبه مجرد جمع وتأليف لم يتكلم فى شئ منها على ترجيح فى أقوال أو بحث أو اختيار مذهب ولا ادرى ان كان ذلك قصورا از تورعا. توفى سنة 1107هـ/1696م. (الأعلام: 8/66)
([vi]) هاشم بن سليمان البحرانى الكتكانى، البرهان فى تفسير القرآن، (الطهران، الطبعة الثانية، د.س)، (مقدمة ص 24).
([vii]) المرجع السابق: ص 24.
([viii]) هو نعمة الله بن عبد الله بن محمد بن حسين الحسينى الجزائرى: أديب، مدرس من فقهاء الإمامية. نسبته إلى جزائر البصرة. ولد فى قرية "الصباغية" من قراها، وقرأ بها ثم بشيراز فأصفهان. وعاد إلى الجزائر، وتوفى بقرية جايدر سنة 1112هـ/1701م. له كتب مها: زهرة الربيع-ط، والأنوار النعمانية فى معرفة نشأة الإنسانية-ط- فى جزءان، و مقصود الأنام فى شرح تهذيب الأحكام 12 مجلدا و مختصره غاية المرام، ونور الأنوار فى شرح كلام خبير الأخبار-خ، ومقامات النجاة-خ، و نور الأنوار فى شرح الصحيفة السجادية-ط، و فروق اللغة-ط. الأعلام: 8/39
([ix]) نعمة الله الجزائرى، زهر الربيع: ص 12.
([x]) النوبختي، فرق الشيعة، ص: 96، أو اقترقت الشيعة إلي 15 قرقة كما ذهب إلي ذلك القمي، في المقالات والفرق، ص: 102. أما المسعودي المتوفي عام 346هـ، قال أن الفرقة وصلت إلي 20 قرقة. (مروج الذهب، ص: 4/190)
([xi]) المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد، تحقيق : مؤسسة آل بيت لتحقيق التراث، (دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع)، ص: 389.
([xii]) (هؤلاء السفراء الأربعة هم: أولهم: عثمان بن سعيد العمري، ثانيهم: (أبو جعفر) محمد بن عثمان بن سعيد العمري، وثاليهم: (أببو القاسم) الحسين بن روح، ورابعهم: (أبو الحسن) علي بن محمد السمري.
([xiii]) الطوسي، الغيبة، (طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الأولي، 1381هـ) ص: 237، 264-265 (هؤلاء السفراء الأربعة هم: أولهم: عثمان بن سعيد العمري، ثانيهم: (أبو جعفر) محمد بن عثمان بن سعيد العمري، وثاليهم: (أببو القاسم) الحسين بن روح، ورابعهم: (أبو الحسن) علي بن محمد السمري.
([xiv]) الطوسي، كتاب الغيبة، ص: 266.
([xv]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، (قم، مؤسسة النشر الاسلامي، التابعة لمجماعة المدرسين في قم)، ص: 484.
([xvi]) الكليني، أصول الكافي، (طهران، المكتبة الإسلامية، 1388هـ) ص: 1/86.
([xvii]) الطبرسي، الاحتجاج، (بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1983) ص: 2/264
([xviii]) هو محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد، يعرف بابن المعلم، محقق إمامي، انتهت رياسة الشيعة في وقته، نال –في زعمهم- شرف مكاتبة مهديهم المنتظر، وله قريب من مائتي مصنف، توفي عام 423هـ. قال الخطيب البغدادي: كان أحد أئمة الظلال، هلك به خلق من الناس إلي أن أراح الله المسلمين منه. وقال الذهبي: أكثر من الطعن علي السلف، وكانت له صولة في دولة عضد الدولة. (الأعلام، المرجع السابق، ص: 7/21؛ الحطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ص: 3/163؛ والذهبي، ميزان الاعتدال، ص: 3/131).
([xix]) هو تقي بن نجم بن عبد الله، شيخ الإمامية، تلميذ الشريف المرتضي، وكان علامة في فقه أهل البيت، ومتكلما، مصنفا وله فتاوي تبعه عليها كبار الفقهاء. ولد سنة 374هـ، وقرأ علي الشريف المرتضي والشيخ الطوسي. من مؤلفاته: (تقريب المعارف)، و(العمدة)، و (المسألة الشافية)، و(المسألة الكافية شرح الدخيرة لللمرتضي، (شبه الملاحدة)، وغيرها. توفي في الرملة سنة 447هـ. (موسوعة طبقات الفقهاء، ص: 5/75-76)
([xx]) هو الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الأسدي، شيخ الإسلام عند الشيعة ، والمجتهد الإمامي الكبير، جمال الدين أبو منصور المعروف بالعلامة الحلي، وبآيات الله، وبابن المطهر. لازم الشيخ نصر الدين الطوسي، وانتهت إليه كما قال معاصره ابن داود الحلي رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول، كما أنه صاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف. ولد في سنة 648هـ. عده السيد الأمين في أعيان الشيعة أكثر من مائة كتاب، منها: (تذكرة الفقهاء)، (إرشاد الأذهان)، و(،هاية الإحكام في معرفة الأحكام)، و (مختلف الشيعة)، و(منتهي المطلب) وغيرها. وكان ابن تيمية من أكبر مناظريه من أهل السنة، حيث صنف كتابا في الرد عليه سماه (منهاج السنة). وتوفي عام 726هـ. (موسوعة طبقات الفقهاء، ص: 8/77-81).
([xxi]) هو جعفر بن الحسن بن يحيي بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي، المشهور بالمحقق الحلي، ولد في (602هـ) من أعاظم العلماء الإمامية فقها، وأصولا، وتحقيقا، وتصنيفا، ومعرفة بأقوال الفقهاء من الإمامية والسنة. من مؤلفاته (شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام)، المختصر النافع في الفقه الإمامية)، (المعتبر في شرح المختصر)، (نكت النهاية)، و(المسلك في اصول الدين)، (المعارج في أصول الفقه). توفي عام 676هـ. (موسوعة طبقات الفقهاء، المرجع السابق، ص: 7/55-57).
([xxii]) هو محمد بن مكي العاملي، المجتهد الإمامي، ولد في جزين من قري جبل عامل بلبنان عام 734هـ، وكان علامة في الفقه، ومحيطا بدقائقه، عالما بالأصول محدثا، أديبا، شاعرا، ذا ذذهن سيال وعقلية متفتحة ونظر ثاقب. من مصنفاته (الدروس الشرعية في فقه الإمامية)، و(ذكري الشيعة في أحكام الشريعة)، و(البيان في الفقه)، و(الرسالة الألفية في فقه الصلاة)، و(الرسالة النفلية) و(غاية المراد في شرح الإشرشاد)، و(القواعد والفوائد)، و(تفسير الباقيات الصالحات)، لكن من من أشهر تصانيفه (اللمعة الدمشقية). توفي سنة 786هـ) (موسوعة طبقات الفقهاء، ص: 2/231-236).
([xxiii]) نطور الفكر السياسي الشيعي من الشوري إلي ولاية الفقيه، (بيروت، دار الجديد، الطبعة الأولي، 1998)، ص: 367-369،
([xxiv]) هو المولي أحمد بن مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي. ولد في قرية نراق من قري كاشان، وتتلمذ علي والده المولي محمد مهدي وله الرواية عن الشيخ جعفر النجفي الفقيه، وتتلمذ علي يديه جمع من الأكابر كالشيخ الأعظم الأنصاري، وكان بحرا مؤاجا وأبيا شاعرا من كبراء الدين وعطماء المجتهدين، وكا له جامعية لأكثر العلوم خاصة الأصول والفه والرياضيات والنجوم. وله تصنيفات فائقة منها: شرحه علي "تجريد الأصول"، وشرحه علي "جامع السعادات" كتاب أبيه، وعوائد الأيام، ومفتاح الأحكام، وكتاب "المسند" في الفقه الاستدلالي، وله "رسالة فارسية في العبادات"، وكتاب "الرد علي الفادري النصراني سماه "سيف الأمة"، وله ديوان شعر كبير "الطاقديس". توفي في 1264هـ. في قرية نراق. (ميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري، روضات الجنات، مؤسسة إسماعيليان، قم، ص: 1/95-99)
([xxv]) علي مؤمن، الفقه والسياسة تطور الفقه السياسي الاسلامي حتي ظهور النظريات الحديثة، (بيروت، دار الهادي، الطبعة الأولي، 2003) ص: 39.
([xxvi]) نطور الفكر السياسي الشيعي، المرجع السابق، ص: 369
([xxvii]) الفقه والسياسة، نفس المرجع السابق
([xxviii]) الشيخ محسن كديغر، نظرية الدولة في الفقه الشيعي (مع مقدمة نقدية) ترجمة الدكتور محمد سقير، (بيروت، دار الهادي، الطبعة الأولي، 2004) ص: 34-35

No comments: