1.14.2008

RENUNGAN PERJALANAN SATU TAHUN

وقفات تربوية مع نهاية عام هجري


مضى عام
ما أسرع انقضاء العام الهجري بأيامه وشهوره ، كيف مضى بهذه السرعة؟ كنا بالأمس نستقبله واليوم نودعه ، هل ذهبت بركة الأوقات فلم نشعر بها ؟ مضى عام كامل من أعمارنا ، وانسلخ بثوانيه ودقائقه وساعاته و أيامه ، مضى وكأنه شهر واحد ، مضى بحلوه ومره ، بأفراحه وأحزانه ، بسروره و وهمومه ، و بما فيه من اللذائذ والآلام، عبثَ فيه العابثون، وتلذذ فيه بالشهوات اللاهون ، وأجاد فيه الصالحون، وأخلص فيه العاملون ، فسوف يرى كلٌ بضاعتَه يوم التناد ، قالها تعالى " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى" ، مضى عام بكل ما فيه من إشارات تنبيه وتحذير ، أوراق التقويم ونحن نمزق أوراقها يوميا إشارة تنبيه ، دقات الساعة وهي تقول لنا إن الحياة دقائق وثواني إشارة تنبيه ، هلال الشهر في نموه واكتماله بدراً ثم ذبوله ونحوله إشارة تنبيه ، فصول السنة ومابها من تنوعٍ فيه عبرةٌ لمن يعتبر ، كل ذلك إشارات تنبيه ، تسألنا ماذا قدمنا في عامنا من أعمال صالحة ندخرها ليوم التلاق ، والحبيب صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالوقفة أمام المولى " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، و عن شبابه فيم ابلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عن علمه ماذا عمل به " ، فسوف يسألنا الخالق عزوجل يوم الحشر عن أعمارنا ، هل أفنيناها في خدمة دينه ، أم أفنيناها في الراحة والغفلة والجدال ، وسيسألنا عن دعوتنا هل كنا من العاملين لها والداعين إليها ، أم من المشككين فيها والطاعنين في قيادتها ، وسيسألنا سبحانه وتعالى عن أجسامنا هل أبليناها في الطاعة والعبادة والحركة بدينه ، أم أبليناها في اللهو واللعب ، سنة كاملة مضت ، كم عملنا فيها من أعمال قد نسيناها، لكنها عند الله محفوظة، وفي صحائف الأعمال مرصودة، وغدًا نوفاها " يوم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" .

وقفة مع النفس
حدث كوني هام ، يقع مع وداع شمس آخر يوم من أيام ذي الحجة ، إنه انفتاح بوابة العام الهجري الجديد ، ، حدث يحتاج منا إلى وقفة تأمل قبل وقوعه ، هي وقفة جادة يسأل كل منا نفسه ، مادام الحساب على مثقال ذرة ، وعلى كل لفظ ، وعلى ما يحيك في القلب ، يقف الأخ مع نفسه وقفة صدق، فالصدق نجاة ، وليحاسبها فهو أرفق بها من يوم الحساب ، قالها الحسن البصري " ابنَ آدم إنك تغدو أو تروحُ في طلبِ الأربَاح؛ فليكن همّك نفْسَك؛ فإنك لن تربح مِثْلها أبدًا" من أجل ذلك ، نحتاج مع نهاية العام وبداية الجديد إلى وقفة محاسبة ، يقول عنها ابن القيم رحمه الله: "المحاسبة أن يميز العبد بين ما له وما عليه فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه ؛ لأنه مسافرٌ سَفَرَ من لا يعود" ، هي وقفة نجيب فيها عن أسئلة كثيرة تدور ، تحتاج منا إلى إجابات ، كيف قضينا عامنا ؟ وفيم صرفنا أوقاته ؟ وكيف كانت علاقتنا بربنا ؟ هل حافظنا على فرائضه واجتنبنا زواجره ؟ هل اتقينا الله في بيوتنا ومجتمعنا ؟ هل راقبنا الله في عملنا وفي كل شؤوننا ؟ هل أخلصنا له في أعمالنا ؟ وهل فكرنا أن نجٌِد في حركاتنا ؟ وهل رفعنا راية أمتنا ؟ وماذا قدمنا لهذا الدين ؟ كم أعطيناه من أوقاتنا ؟ كم شخصا حببناه في الله وفي دعوته ؟ هل دافعنا عن دعوتنا وقيادتنا أم كنا عونا للإعلام والآخرين عليها ؟ وهل انضبطت حركتنا وأعمالنا وأقوالنا وكتاباتنا بضوابط الدعوة ؟ وكم مرة نصرنا إخواننا المستضعفين في الأرض والمعتقلين ظلما وزورا ؟ وكم حافظنا على أداء الصلوات جماعة في المسجد ؟ ما نصيب كتاب الله تعالى من القراءة والتدبر ؟ كم مرة كنا نختم في كل شهر ؟ أم لم نقرأه إلا في رمضان ؟ هل حفظنا منه شيئاً طوال هذا العام ؟ أكان همنا من دنيانا لقمة نأكلها، وشربة نشربها، ولباساً نلبسه، أو مكانة نبحث عنها ، أو جاها نتباهى به ، وهل كان همنا إضاعة وقتنا في لهوٍ مباح أو غير مباح؟ أم كان همنا معالي الأمور والدرجات العلى؟ أكنا ممن يقول ما لا يفعل؟ أ م ممن يعطي القدوة من نفسه ؟ وهل وهل وهل ؟ ماذا أردنا بكل ذلك، ومن أردنا؟ هل أردنا الله والدار الآخرة أم الصيت والسمعة وحب محمدة الناس ؟ هي وقفة من أجل مراجعة الحسابات، وتعديل المسار، وإصلاح النية، وتجديد العهد، وشحذ الهمة .

إليه راجعون
أخي الحبيب .. لعمرِ المرء طرفان، طرفٌ من قبل يوم مولِده ، وطرف من قبل يوم أجله ؛ فكلما انقضى عام ابتعد المرء عن يوم مولِدِه ، واقترب من يوم رجوعه إلى مولاه ، والمرء من يوم خروجه إلى الدنيا، وهو يهدم في عمرِه و ينقص من أجله ، والتقويم الذي نعلقه على حوائطنا، وهو مليء بالأوراق، وفي كل يوم نأخذ منه ورقة ، وفي نهاية العام لا يبقى منه إلا صورته ، شاهد على هدم العمر ، وهكذا عمري و عمرك يا أخي ؛ مجموعة أيام و ليالٍ ، كلما مضي يوم أو ليلة نقصت أعمارنا، ونقص رصيد أيامنا في هذا الحياة ، ثم تأتي لحظة المغادرة والرجوع إلى الله ، قالها الحسن البصري " يا ابن أدم إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك" ، فهي رجعة إلى الله لا محالة ، ووقوف بين يديه ومحاسبة ومساءلة ، فما حيلتك يومئذ ؟ لذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما ينصحنا " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح و إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك" ، فإذا أصابك أخي الحبيب الفتور والضعف، وتثاقَلتْ نفْسُك عن الطاعة؛ فتذكر يومًا تقف فيه بين يدي الله لا ينفعك فيه إلا العمل الصالح ، وتذكر وصية الفضيل رحمه الله " تحسن فيما بقي يغفرْ لكَ ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقي، أُخِذتَ بما مضى وما بقي، والأعمالُ بالخواتيم" ، ويقول لك ابن رجب رحمه الله : " يا من يفرح بكثرة مرور السنين عليه، إنما تفرح بنقص عمرك " ،ويقول أبو سليمان الدارني " من كان يومه مثل أمسه فهو في نقصان " ، وعن داود الطائي أنه قال " إنما الليل والنهار مراحل، ينزلها الناس مرحلة مرحلة ، حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو، فاقض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك " قال أحد السلف " كيف يفرح في هذه الدنيا ، من يومه يهدم شهره ، وشهره يدم سنته ، وسنته تهدم عمره، كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله ، وحياته تقوده إلى مماته " .


حصاد عامك
أخي الحبيب .. يقول ابن القيم رحمه الله " السنة شجرة ، والشهور فروعها ، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها ، فمن كانت أنفاسه فى طاعة فثمرة شجرته طيبة ، ومن كانت فى معصية فثمرته حنظل ، وإنما يكون الحصاد يوم المعاد ، فعند الحصاد يتبين حلو الثمار من مرها " ،فقد كان بعامك :
· ( 1700)
فريضة صلاة الجماعة سنويا ، بما يعدل 6018 ركعة - 5300 ركعة هي السنن الراتبة مع الوتر، ( 420) ركعة قيام ليل وتراويح وتهجد ، فكم صليت منها في جماعة ، وكم صليت منها في الصف الأول ، وما درجة خشوعك فيها ؟ وهل قربتك من الله ؟
· 92
يوما صيام الاثنين والخميس – 30 يوما صيام الأيام البيض – 9 أيام صيام ذي الحجة - صيام تاسوعاء وعاشوراء ، فكم يوما صمت منها وكم اغتنمت من فضلها ؟ والحبيب يقول :" ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً"
· 12
ختمة للقرآن ، فهل أتممتها ؟ وتدبرت فيها ؟ والختمة الواحدة تعدل 3,5 مليون حسنة .
· 130
ألفا من الصدقات الواجب عليك لقوله صلى الله عليه وسلم" كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس،…" فهل أديت ووفيت، أو سددت وقاربت، أو حتى عزمت ونويت ؟
·
ذكر الله عز وجل " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيرا"
· 50
لقاء تربويا اسبوعا ، التي تحقق " هيا بنا نؤمن ساعة" ، إضافة إلى اللقاءات المجمعة ، فكم واظبت عليها ؟ وبماذا أفدت فيها إخوانك ودعوتك ؟ .
· 350
يوما تدعو فيها إلى الله وتأمر بمعروف وتنهي عن منكر ، وحبيبك يبين لك الفضل " من دعا إلى هدى فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " وقال أيضا " لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها "
· 50
إسبوعا تحقق فيها صلة أرحام وزيارة أقارب وبر والدين ، ومواساة وزيارة مرضى ، وقضاء حوائج المسلمين ،
فكم أدركت من هذه الأعمال ؟ وكم منها كان لله خالصا ولم تخالطه شهوة نفس أو منافسة للآخرين ، أو بحثا عن شهرة أو صخب إعلامي ، أو مجاراة للسفهاء ، ثم انظر إلى عملك كم حجمه ووزنه ،وكم أثره ، وقارن بين حسناتك وسيئاتك ، ثم انظر كم من الخير تركت أو حصلت ،وتذكر مقالة ابن مسعود رضي الله عنه " ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ، ولم يزدد فيه عملي " .

دقائق غالية
أخي الحبيب .. لقد نبض قلبك في العام نحو 40 مليون نبضة بانتظام لا مثيل له ودقة متناهية ، كما شهقت فيه نحو 11 مليون شهقة ، وزفرت مثلها ، كل ذلك خلال أكثر من خمسمائة ألف دقيقة هي مجموع عامك ، ولله در القائل : دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان
فالواجبات أكثر من الأوقات ، والمسلم محاسب على كل ثانية من عمره ، والدقيقة من عمرك غالية وهي بالليل أغلى " دقائق الليل غالية فلا ترخصوها بالغفلة " ، وإليك بعض ما يمكن أن تنجزه من أعمال عظيمة خلال 5 دقائق من عمرك :
·
تعيش مع القرآن : فتقرأ سورة الفاتحة 20 مرة ، أو سورة الإخلاص 40 مرة ، أو سورة تبارك ، أو الواقعة ، أو السجدة ، ، ولكل مما سبق أجر عظيم ، أو تقرأ ربع حزب من القرآن الكريم .
·
تكون من الذاكرين الله كثيرا : فتقول "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير" 50 مرة ، أو تقول " سبحان الله وبحمده" 200 مرة ، أو تقول" سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم " 100 مرة، أو تقول "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" 100 مرة ، أو تقول"لا حول ولا قوه إلا بالله "150 مرة، أو تقول "سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" 60 مرة ، أو تصلي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم 100 مرة ، ولكل واحد من الأقوال السابقة أجر عظيم مذكور في أحاديث صحيحة .
·
تحقق التواصل المجتمعي : فتصل رحمك عبر الهاتف وتبر والديك ، أو تُسلِّم على مسلم وتسأل عن حاله ، أو تكتب كلمة طيبة وترسلها في رسالة SMS، أو ترفع يديك إلى السماء وتدعو لأهلك وجيرانك بما تشاء ، أو تشفع شفاعة حسنة لأخ ، أو تواسي مهموماً فتقضي له حاجته العاجلة ، أو تأخذ بيد شيخ كبير فتعبر به الطريق ، أو تعين مصابا فتسعفه للمستشفى ، أو تميط الأذى عن الطريق .
·
تحقق التكليف الدعوي : فتأمر بمعروف أوتنهى عن منكر، أو تلقي خاطرة عقب الصلاة ، أو تنشر فكرة عبر حديث في مواصلات ، أو تدخل على النت فتدون كلمة طيبة في مدونتك ، أو تشارك بموضوع قيم في أحد المنتديات ، أو ترسل رسالة دعوية بالايميل إلى المجموعات البريدية ، أو تساهم في تصويت تنصر به دينك دعوتك ... الخ

من هنا نبدأ
أخي الحبيب .. مع نهاية مطاف العام ، وقبل نهاية الآجال ، وأنت تدخل من بوابة العام الهجري الجديد المشرعة أمامك ، وأنت تخطو أولى خطواتك ، لتبدأ بفتح صفحة جديدة في حياتك مع أول يوم فيه ، ولتكن صفحة بيضاء نقية ، صفحة بدايتها التوبة إلى الله ، و شعارها الدعوة إلى الله ، ومضمونها حب الخير للناس ، إنه عام هجري جديد على عملك شهيد ، نصحنا مع بدايته فضيلة المرشد العام الأستاذ عاكف قائلا : " ينتظركم عام من الجهد والعمل، فالمبشرات بين أيديكم، والأمل ينتظركم، فإلى المزيد من الثبات على منهجكم، وتقديم فكرتكم إلى العالم، وبذل كل ما تملكون من أجلها، لنكون على مستوى الغد المشرق لإسلامنا " ومن هنا ، ومع بداية العام ، فهذه بعض ما تريد منك دعوتك :
أولا : أن تتوب من ذنوبك ومعاصيك وتقصيرك وتفريطك في أوقاتك ، ولتذرف دموع الندم على مافرطت في جنب الله ، وعلى دعوة لم تضحي لها ولم تنصرها كما ينبغي ، فالبدار البدار بالتوبة ، ولا تجتر مرارة الماضي ، فعلى أطلال الماضي يمكنك أن تنهض بقوة ، فاجعل منها دفعة إلى الأمام ، و الحق بسفينة النجاة ، وكن نجما في سماء التائبين المنيبين المخبتين ، فهي عودة ظافرة إلى الله تنتصر فيها على أسباب الضعف .
ثانيا : أن تراجع أهدافك وتحددها بدقة وتضع أولوياتها ، وأن تتأكد من معرفتك بالطريق الموصل إلى رضوان الله وإلى نصرة دعوته ، وان تكون طموحا لتنال الأفضل منها ، فبادر وشمر ، وخطط ونفذ ، وان تختر طريقك ومنهجك بنفسك ، لا أن يفرضه عليك إعلام كاذب أو بلبلة مشككة أو طعن جارح من هنا وهناك ، فكن صلدا لا تحطمه الأهواء ، وغذ عقلك وقلبك بقيم دعوتك الربانية ، واحرص على الآخرة فهي الجوهر النفيس ،ولتكن همتك أعلى من قمتك .
ثالثا : أن تستفيد من أجراس الإنذار والتنبيه ، وإشارات التحذير الممتدة طوال العام ، وأن تتزود من مواسم الخير ، كي تستقيم على منهج الله ومنهج الدعوة ، وأن تحرص على ألا تخضعك الظروف المحيطة بك وبدعوتك مهما ساءت وألا تصرفك وفق هواها، بل احرص الأ تزيدك الأحداث إلا قوة وثباتا على الطريق ، ويقينا أن نصر الله آت .
رابعا : فليس أجمل في بداية العام الهجري الجديد ، من الحديث عن تجديد العهد مع الله ومع دعوته ، والوفاء بالبيعة مع الله ، فالدعوة بحاجة الى الأوفياء ، من أجل أن نشد من عزم الحادي إلى جنات النعيم ، فدعوتك بحاجة منك إلى " إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف ، ووفاء ثابت لا يعدو عليه وتلون ولا غدر ، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل ، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له ، يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره " فاعقد العزم وبادر وسابق مرددا "وعجلت إليك رب لترضى " متذكرا قولة الحسن البصري "رحم الله عبداً وقف عند همه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره توقف" .

MEMETIK PELAJARAN DARI HIJRAH

الهجرة دروس حركية في القيادة والجندية

مقدمة
لم تكن الهجرة النبوية الشريفة حدثاً عابراً في تاريخ الدعوة نحتفل به كل عام ، ولم تكن حدثاً شخصياً يتعلق بحياة الحبيب صلى الله عليه وسلم، بل كانت حدثاً غيّر مجرى التاريخ ، حدثاً حمل في طياتِه معاني الشجاعة والتضحية والإباء والصبرِ والنصرِ والفداء والتوكلِ والقوة والإخاء والاعتزازِ بالله وحده ، حدثاً جعلَه الله سبحانه طريقاً للنصرِ والعزة ورفعِ راية الإسلامِ وتشييد دولته وإقامة دينه ، وكانت محور الارتكاز ونقطة الانطلاق والتحول في تاريخ الدعوة، إيذانًا بميلاد فجر جديد لها، وكانت مناراً عظيماً على الطريق ومعلماً بارزاً وتحولاً جوهرياً وبعثاً جديداً وتغييراً كلياً في تاريخ الدعوة ، في مسارها و حياتها وحياة أصحابها ، وفي تشريعاتها وأسلوبها ووسائلها ، ولذلك كان تجدد الوقفة مع الهجرة النبوية كل عام ، للعظة والاعتبار ، وللاهتداء والإقتداء، وبهدف التذكير بخط سير الدعوة ، وعرض لواقعنا على أهدافها وغاياتها ، إن أحداث الهجرة جديرة بأن تفتح اليوم أعيننا على ماضينا المجيد وأن تعرفنا بحقيقة الواقع المر الأليم، الذي وصلنا إليه، فتهتز قلوبنا وتتحرك عزائمنا، ولذلك تهل علينا ذكرى الهجرة النبوية الشريفة كل عام ، حاملة معها رياح التغيير العظيمة التي غيرت وجه التاريخ عبر هذا الحدث العظيم الذي يجب أن تكون لنا معه وقفات مهمة لنعيد قراءة واقعنا على أضواء دروسه العظيمة ، وليكون لنا محطة جديدة للانطلاق نحو تغيير أحوالنا وأحوال دعوتنا وأمتنا نحو الأفضل وهي ليست وقفة لعرض الأحداث وسرد الدروس ، ولكنها إيقاظ للنفوس ، وانطلاقة حركية وتغييرية ، نصحح بها مسارنا ، ونتذكر أهدافنا ، ونشحذ هممنا ، ونصوب واقعنا ، لنؤدي رسالتنا ، ونرضي ربنا بشرط توفر (إخلاص في القصد ، وصدق في الأداء ، وعزيمة في التغيير .

حكمة بالغة
إن دعوة الله التي تسعى لإقامة خلافة الله في الأرض ، ما لم تكن متحركة من أرض ثابتة ، حيث القيادة والأنصار والمنهج القويم المنفذ ، فإن أهدافها ومبادئها يصعب الوصول إليها وإيجادها في أرض الواقع ، ولذلك كان ولا بُدَّ أن يكون للعصبة المسلمة من موطن وموقع تتأسس فيه وتتربى عليه ، وتستطيع أن تمارس من خلاله عمليةَ التغيير، فكان هدف الرسولِ صلى الله عليه وسلم من الهجرة تكثير الأنصارِ وإيجاد رأيٍ عامٍ مساند للدعوة ، واستكمال بناء هيكلِ الدعوة التنظيميِ ، والسعي لتوطين الدعوة وتأسيسها ، ولتكوين الجماعة المسلمة والعصبة المؤمنة التي تقيم شرع الله وخلافته في الأرض، وقد علمنا من الهجرة أن دوافعها لم تكن رغبا ولا رهبا، بل كانت الهجرة ، بحثاً عن أرض جديدة لنشر الدين الجديد ولإقامة نظام عالمي جديد، يعيش في رحابه المسلمون ، ويتفياؤن ظلاله ، وينعمون بعدله ،وبما يحفظ للدعوة كيانها ونماءها ، رغم المعوقات والعقبات ، التي تريد إعاقتها عن القيام بدورها ، وأداء رسالتها ، وتوجيه وتطوير أدائها في العمل لرفع راية الإسلام ، وإعلاء شأن المسلمين على هدى منها ، إن قيمة الهجرة التربوية والحركية، أن تأخذ بأيدي أبناء الدعوة - قادة وجنودا- إلى مواقع العمل والإفادة من هذه الأحداث وتلك الدروس ، وتغيير الواقع المر .

قيادة راشدة
كانت الهجرة وستظل أروع الأمثلة عبر التاريخ على القيادة الراشدة الحكيمة ، التي وضعت لعلماء الإدارة الكثير من أصول علمهم ، فكانت قيادة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، جامعة لفنون ومهارات القيادة والإدارة الفعالة ، ومن ذلك :

1. وضوح الهدف : فهي قيادة تعرف ماذا تريد ؟ وتعرف ما وجهتها وما غايتها ؟ وما الأهداف التي تسعى لتحقيقها في أرض الواقع؟ ، أهداف واضحة وسهلة التطبيق ومتدرجة ، ولعل الحركة الإسلامية أدركت ذلك ، حينما حددت بوضوح أهدافها ، ورسمت سياستها وخططها وفق تلك الأهداف بدءاً من بناء الفرد المسلم فالبيت المسلم فالمجتمع المسلم

2. استشراف المستقبل : فمنذ لحظة الدعوة الأولى ، والقيادة تدرك أن مكة لن تكون مقرا للدعوة ، فكان استشرافها للمستقبل ، وإعداد سيناريوهات عدة ، اختيار الحبشة أولا لهجرة المسلمين ، ثم الطائف ، ثم المدينة ، فكانت الهجرة صورة من صور استشراف المستقبل الدعوي .

3. الإيجابية الواقعية : ونعني بها دراسة البيئة وتوظيف المعلومات في اتخاذ القرار المناسب ، وحسن التعامل مع المتغيرات ، وقد تمثلت في تعامل القيادة مع الواقع بإيجابية ، بدلا من الاستسلام والسلبية ، والبحث عن البيئة الصالحة للدعوة ، فسعت القيادة لإيجاد أرض غير مكة ؛ بعدما أدركت من خلال دراسة الواقع ، أن مكة لا تصلح لقيام الدولة، ولا يمكن أن تكون وطنًا لهذه الرسالة ، فبدأ يعرض نفسه على القبائل، ويقول لهم في صراحة ووضوح "من يحملني، من يؤويني حتى أبلغ دعوة ربي، فإن قريش قد منعوني" ، وهذا درس في أن الدعوة قد تستلزم أحيانا تغيير البيئة لاستكمال مسيرتها نحو أهدافها العليا .

4. فقه التعامل مع الفرص والتهديدات : القيادة الفعالة هي التي تحسن الاستفادة من الفرص المتاحة ووتحسن تفادي التهديدات القائمة ، والاستفادة من طاقات ودعم ومساندة الغير في نصرة الدعوة ، ومن ذلك فرصة الهجرة في وقت تهديد القتل من قبل قريش ، والاستفادة من طاقات ودعم سراقة .

5. الحرص على طاقة الاتباع وحياتهم : فتأخير هجرة رسول الله صلى الله علية وسلم والأمر بخروج الأفراد سرًا وفرادى ، حتى لا يعلم أحد هدفهم فينقضوا عليهم جميعا ، فيه تأمين لخروجهم ، وعدم الإلقاء بهم في التهلكة ، بما يحفظهم وطاقتهم كي لا تتبدد في غير موضعها، محافظة على حياة وطاقات وامكانات الجنود .

6. التأخير الإبداعي : فليس كل تأخير يكون سلبيا ، فقد كان تأخر هجرة الحبيب بعد أصحابه ، من هذا النوع الإبداعي والذي فيه حافز جيد لانجاز المهام ، لما فيه من ترو القيادة والبحث عن الظرف والوقت المناسبين ، ولما فيه من حسن ترتيب للأولويات ، وقد تكون العجلة سببا لانتكاسات كثيرة في العمل الإسلامي .

7. الأخذ بالسنن والأسباب : ضرب الرسول القائد أروع الأمثال في الأخذ بالأسباب، واتخاذ أفضل الأسباب مع الاعتماد على الله مسبب الأسباب أولاً .

8. دقة التنظيم :وقد تمثل الأمر في حياة القائد كلها ، وفي الهجرة بخاصة ، فلم يترك الأمور تسير بعفوية أو عشوائية ، بل تتم من خلال تنظيم الأعمال ، وتناسقها وحسن ترتيبها وتدرجها ، وبناء مواقف على مواقف بشكل منظم على أكمل وجه ، بيعة العقبة يترتب عليها بعثة مصعب ثم قوافل الهجرة ثم هجرة الحبيب في تناغم وتناسق بديع .

9. العبقرية وحسن التخطيط : متمثلة في تحديد الأهداف ، والوسائل والامكانيات ، ووضع سيناريوهات عدة ، ومراعاة الظروف المواكبة ، فالمكان المؤقت غار ثور، وموعد الانطلاق بعد ثلاثة أيام، ووقت الخروج حين الظهيرة واشتداد الحر، وخط السير الطريق الساحلي، إضافة إلى استخدامه الإخفاء والتمويه ، وهذا كله شاهد على عبقريته وحكمته صلى الله عليه وسلم ، وفيه دعوة للأمة إلى أن تحذو حذوه في حسن التخطيط والتدبير وإتقان العمل .

10. فن إدارة الآخرين : وحسن توظيف الطاقات ، وانتقاء الأفراد بصورة مثالية ، سواء كانت في القيادة أو الجندية ، فتيان وشباب وشيوخ ، رجال ونساء ، مسلم وغير مسلم ، فالشيوخ يوفرون الدعم المادي للمساندة والصحبة ، والشباب والفتيان يقومون بالأعمال الفدائية والاستخباراتية ، المرأة تقوم بدورها المناسب لطبيعتها، فالقائد محمد ، والمساعد أبو بكر، والفدائي علي ، والتموين أسماء ، والاستخبارات عبدالله ، والتغطية وتعمية العدوعامر ، ودليل الرحلة عبدالله بن أريقط،

11. أخلاقيات قيادية أخرى : حل المشكلات بطرق ابتكارية ، الهدوء في التعامل مع المشكلات ، استشارة المحيطين، الوضوح في التعاملات والقرارت ، التبشير لا التخويف مهما كانت العقبات ، عدم تعجل النصر ، توافر الحس الأمني والسرية ، التورية عند الضرورة ، تواضع القيادة ، القرار بيدها ، الشجاعة والحماسة المنضبطة

جنود مخلصون
لقد انتهجت قيادة الدعوة النهج التربوي،من أجل بناء وتكوين القاعدة الصلبة الذين بهم يقام الدين ونظامه وتؤسس دولته ،فآتت تربية الحبيب صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم أكلها ، واستوى رجال الدعوة، فأثمرت التربية فيهم سلامة العقيدة، ومتانة الأخلاق ، وصحة العبادة ، وحسن المعاملة، وشمول الفهم الصحيح لهذا الدين ، وجاء امتحان القيادة لهم بالهجرة والابتعاد عن الوطن وتركه، فقطعوا أنفسهم عن كافة العلائق والوشائج والمنافع، واتجهوا إلى أرض الدعوة الجديدة، تنفيذا لأمر القائد، فهاجروا معه، ونفضوا أيديهم في سبيل ذلك من المال والدار والأهل والولد، وقطعوا أنفسهم من حظوظهم كلها، وقد تجسد في هذه الهجرة قمة التلاحم بين قيادة الدعوة وجنودها والأمة بشكل كامل ، وتمثلت في الصحابة ، معالم الجندية الحقة لدعوة الله ، والتي برزت في :

1. الثقة الكبيرة في نصر الله : واليقين أن العاقبة للمتقين مهما اشتد ظلم الظالمين وتعدي الجبابرة المعتدين على الدعوة وأبنائها .

2. تفجير الطاقات واستفراغ الوسع والجهد وكل ملكات النفس ومهاراتها وامكانياتها في سبيل نصرة هذا الدين ، فكانت مساهمة الجميع في إنجاح عملية الهجرة ، وهكذا يجب أن يكون جنود الدعوة، الكل يساهم بما يملك ، فكل ميسر لما خلق .

3. التضحية في سبيل الدين بكل شئ : و تقديم الغالي والنفيس من أجل الفكرة وترك التثاقل إلى الأرض ، فدعوة بلا تضحية لا بقاء لها ، وقد تنوعت صور التضحية من الصحب الكرام ، من تضحية بالنفس دون القيادة " ابو بكر " أو بالمال " صهيب الرومي " أو بالزوجة والولد " أبو سلمة " ، أو بالديار والأهل والأصحاب " الجميع " ، وهو درس رائع لأبناء الحركة الإسلامية في تقديم محبة الله ومراده على محبة المال والوطن والعشيرة والزوجة والأولاد ، والجاه والمنصب وحظ النفس .. الخ

4. الحرص على القيادة : وعلى سلامتها وفداؤها بالأرواح والخوف عليها ، ولا يتأتى ذلك الا عن حب وثقة ، وأعمال أبي بكر طوال رحلة الهجرة تكشف عن هذا الخلق وتبرز أهميته في جنود الدعوة وأدبهم مع قيادتهم ،

5. كمال الطاعة : وتحلى جنود الدعوة بقمة الانضباط الحركي والالتزام التنظيمي ، حينما جاءهم الأمر بالهجرة ، فكان السمع والطاعة والتنفيذ الفوري في العسر واليسر والمنشط والمكره ، دون مراعاة لبواعث التخلف أو الححج الواهية للقعود عن تنفيذ التكليف ، أو الركون إلى الأرض .

6. الصبر والثبات على المبدأ : وبخاصة في المواقف الحرجة ، مهما كانت صعوبة العقبات وكثرتها ، وضخامة التضحيات .

7. عزيمة لا تعرف اليأس: فقد تجسد في هجرة الصحابة، العزيمة الصادقة والإرادة القوية التي لا تعرف اليأس، والعطاء بلا حدود، فكانت النفوس القوية التي لا يصيبها حزن ولا يعتريها يأس أو إحباط .

8. أسرة مسلمة وبيت متكامل يحمل هم الدعوة ، ويتحرك بها ويخاف عليها ، وهكذا تريد الدعوة ، من بيوتنا بكل ما فيها من أعضاء

9. الشجاعة والقوة في الحق : فقد جابه الصحابة تحديات كبرى في العهد المكي ، فكان أن وقفوا أمامها بقوة وشجاعة وصلابة ، وتمثل ذلك في مواقف كثيرة من أهمها ، هجرة الفاروق .

دروس تربوية وحركية
إن دروس الهجرة أكثر من أن تحصى وأن تعد ، وهي تدق نواقيس التذكير والتحذير ، كلما مرت الأيام ، وتجددت الأحداث ، وتتساءل ، هل تحولت الهجرة إلى حركة في دنيانا وواقعنا ؟ أم أنها لم تحرك فينا ساكنا وما عاد لدينا ساكن ولا متحرك ؟ وهل حولت واقعنا إلى الأفضل؟ أم أننا ركنا إلى الدعة ، وشغلتنا أموالنا وأهلونا وأفراحنا وأتراحنا ؟، إن الهجرة دروس وعبر وقيم ومباديء ومثل ، فقد كانت الهجرة عامرة بالكثير من الدروس التربوية والحركية ، ولم يكن في السيرة حدث عامر بتلك الدروس سوى الهجرة ، ففيها دروس عظيمة، وآمال واسعة عميقة لأصحاب الدعوات وحملة الرسالات، فما أحوجنا إليها، ومن هذه الدروس :

· الانتماء لله ولدينه ورسالته والانتصار لدعوته يجب أن يقدم على كلّ ولاء وانتماء .

· التوكل على الله تعالى وحده في كافة أمور ، مع الأخذ بالأسباب ،فالإثنان دليل على قوة الإيمان

· مهما اشتد وعظم مكر أعداء الدين ، فلن يبلغ إطفاء نور هذا الدين .

· السعي للتمكين في الأرض، بإقامة دولة الإسلام، هو الهدف الأسمى لدعوة الله،ولا يتم إلا بالابتلاء

· الدعوة مراحل متدرجة ، لا تصل منتهاها قبل المرور بمراحلها .

· بقاء الصراع بين الحق وبالباطل ، حتى ينصر الله أولياءه.

· إنما يُنصر الحقّ بالرجال ، ولن ينصر الله خاملا قاعدا لم يخط خطوة واحدة نحو المعالي .

· حماية الدين والدعوة هو الأصل عند المسلم ، دفع بلده وماله وأهله حماية لدينه،.

· بلد المسلم ووطنه هو الذي يتمكن فيه من إظهار دينه ودعوته فيه

· مقابلة التخطيط والتنظيم والترتيب للإيقاع بالدعوة،بما يوازيه لإبطاله .

· لا غنى عن البيت والأسرة المسلمة لنصرة هذا الدين وإحاطته وحفظه وبذل ما تملك في سبيله.

الهجرة المنشودة

تبقى الهجرة كما كانت حركة إصلاحية تغييرية في تاريخ الإسلام ، فتاريخ الدعوات مرتبط بالحركة في سبيله ، والهجرة المنشودة بحث عن أماكن خصبة للدعوة ، لتحقيق أهدافها العليا ، والهجرة المنشودة حركة تجديد مستمر لتقوية عوامل النهضة في الأمة ، والهجرة المنشودة تحدٍ للباطل وعدم الاستكانة إليه ، والهجرة المنشودة حركة مراجعة ومحاسبة ذاتية وجماعية لتماسك الصف من داخله؛ والهجرة المنشودة تخليص للصف من حالة الضعف وقلة الأمن ، والهجرة المنشودة تعني إطلاق الطاقات الكبيرة التي تحوزها الدعوة في أبنائها، وتوفير الأمن والاستقرار لهم، والهجرة المنشودة ترك البيئات المغلقة إلى البيئات المفتوحة، سواء أكانت بلدًا أو مؤسسة، أو حتى نفس المؤمن ذاته؛ بالتجدُّد المنفتح، والهجرة المنشودة نقلية نوعية من الذنوب والسيئات ،ومن الشهوات والشبهات ،ومن مجالس المنكرات ، إلى رحاب الطاعة ، هجرة من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، والهجرة المنشودة تغيير ما بأنفسنا نحو الصلاح والاصلاح،حتي يغير الله مابنا من ضعف وهوان، الهجرة المنشودة حركة انطلاق تغييرية ، لبناء أمة وتكوين مجتمع وتشكيل حضارة وصياغة قيم وإعداد أجيال وإنارة طريق وتخطيط لمستقبل زاهر لدولة الإسلام ، ليستخلفنا الله في الأرض كما استخلف الذين من قبلنا، وليمكن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا، وليبدلنا من بعد خوفنا آمناً.

مهاجر العصر
للمهاجر معالم وملامح ،وصفات ومقومات، كل منا مطالب بأن يعرض نفسه عليها ، بحثا عنها في ذاته كي يستوفيها ويحقق بها ، ومن ذلك :

· فالمهاجر في سبيل الله اليوم من يستصحب دائما نية الجهاد وحب الاستشهاد " ولكن جهاد ونية "

· والمهاجر في سبيل الله اليوم،من يطلق قدرات نفسه وإمكاناته ومهاراته ومواهبه نصرة لدينه ، ومن يطلق لفكره وعلمه وقلمه، كل الآفاق لنشر دعوته .المهاجر في سبيل الله اليوم،من يتحلل من كل قيد يقعده عن الحركة بدينه خجلا و حياء، أو خوفا وجبنا ، أو كسلا وضعفا .

· والمهاجر في سبيل الله اليوم من يرغم أعداءه على مساومته ومنعهم من العدوان على دعوته لقوله تعالى{ومَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وسَعَةً}

· والمهاجر في سبيل الله اليوم، من يقف ليراجع فكره ونفسه، ويتخلص من الأغلال التي تحيط به ، والتي تمنعه من أن ينطلق بدعوته الانطلاقة المباركة نحو الهدف المنشود

· والمهاجر في سبيل الله اليوم من يأخذ بمقومات التغيير لإصلاح شأن الأمة والنهوض بها .

· والمهاجر في سبيل الله من هجر كل ما لا يليق به كحامل دعوة ، من خلال النقد الذاتي البناء، و المراجعة الربانية ، والوقوف على الأخطاء ، لمعرفة الهوة الكبيرة بينه وبين ما تريد منه دعوته .

· والمهاجر في سبيل الله ختاما هو من هجر ما نهى الله ورسوله عنه .